شاركت الباحثة في علم الإجتماع السياسي ميرنا زخريّا في مؤتمر “2025 Lebanon” الذي جرى طوال يومٍ كاملٍ في فندق المتروبوليتان في سن الفيل، الذي نظمه الدكتور جهاد الحكيّم رئيس جمعية “Rethinking Lebanon”
وذلك برعاية وحضور نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني الذي شدّد في كلمته على أن “الفساد هو التحدي الأكبر الذي رصدته المؤسسات الدولية والذي يحول دون تحسين المؤشرات الإقتصادية في لبنان، وهو فساد مستشر على المستويات كافة…” المؤتمر تناول أربع ندوات متميّزة (التحدّيات الإقتصادية والنقدية، تحدّيات وفرص القطاع العام والخاص، إعادة هيكلة القطاع التعليمي، لبنان على الصعيد العالمي)، حيث حضر وحاضر في كلٍ منها عدد من الوزراء والأكاديميين والإداريين والباحثين، من لبنانيين وأجانب حضروا إلى بيروت للمشاركة في مؤتمر لبنان 2025.
التالي جاء في كلام زخريّا الذي ألقته خلال الندوة الثالثة من المؤتمر، وذلك تحت عنوان “تأهيل الإنسان في لبنان”: … بين خنوع العديد من المواطنين وفساد الكثير من السياسيّين، ضاع الإنسان في لبنان. فلا هو يعيش الحُكم الديمقراطي الذي غالباً ما نجده في الغرب، ولا هو يعيش الحكم الملكي الذي غالباً ما نجده في الشرق، بل هو يعيش في جوّ يسوده في كثيرِ من الأحيان خليط يجمع بين الديمقراطية والديكتاتورية، وهي خلطة قلّ نظيرها.
لكأن الإنسان في لبنان، يعيش في حالة إنفصام، حالة نشأ عليها واعتاد جوارها. وحينما يزداد معيار الديكتاتوريّة، تراه سرعان ما يُطالب بإرساء القواعد الديمقراطيّة. نعم هو يطالب، لكنّه لاحقاً يهدأ ويقبل ويُعيد حساباته. وبدورِها حساباته الشخصيّة هذه، تُعيده إلى كنف الطائفة. ذلك أنه، في عددٍ من المطالبات والإحتجاجات، يبدو أنّ الإنتماء الطائفي يتخطّى الإنتماء الوطني عند الإنسان في لبنان. ما يُشير إلى أنّ العصبيّة المذهبيّة – الطائفيّة تقف بجديّة في وجه العصبيّة اللبنانيّة – الوطنيّة.
وبنتيجة الحال، فإنّ الحركة السياسيّة: لا تعود تُعبِّر عن نشاط سياسي حقيقي، يقوم على المبادئ والآليّات؛ بل بالأحرى هي تتشبّه بالحراك المذهبي الطائفي الذي يقوم على ضروراتٍ وُجوديّة واعتباراتٍ جماعيّة. وبالتالي، يتجلّى الخلل ويتكرّر بأبهى حلّة كل أربع سنوات، وتحديداً قبل موعد الإنتخابات، حين تدقّ ساعة إقرار قانون على مقاس وطن، قانون يُنصف بين جميع المرشّحين ويعدل بين جميع المقترِعين. ساعتئذ نتذكّر بأنّ الإنسان في لبنان، بشكلٍ عام، ليس ديمقراطيّاً كما يحلو له أن يعتبر نفسه، ولا هو ديكتاتوريّاً كما يحلو للبعض أن يعتبره. قد يكون والحالة هذه، خليطاً يجمع بين الديمقراطيّة والديكتاتوريّة، وربّما من هنا وُلدت النزعة لخلطة قانونٍ إنتخابيٍ يجمع بين النسبي والأكثري. قانون مختلط يُراعي الإنفصام بين الحريّة المنشودة وبين التبعيّة المألوفة؛ بين الأوجه البرلمانيّة الجديدة المنشودة وبين المحادل الحزبيّة التقليديّة المألوفة. فكيف يستقيم حال الإنسان في لبنان، وهل بالإمكان تأهيل الفرادة اللبنانيّة؟ …